إليك يا أُستاذي العزيز
مرّت سنوات طويلة و أعرف أنّك تركت المدرسة و عُدت للتدريس بكُلّية العلوم, لكن من حُسن حظّي أني كُنت تلميذتك في يوم من الأيام, أنت لم تكن هذا المُدرّس السمج الذي يلقي في وجوهنا المعلومات و يتركنا لنضرب الأخماس في الأسداس, و لم تكن هذا المُعلم المُهرّج الذي يملأ الدُنيا بالنكات و القفشات دون أن نستفيد شيئاً, و أيضاً لم تكن هذا المُدرس الصامت الذي يشرح بضمير و تأنّي و من ثم ينتهي دوره, كُنت صديق و مُعلم, تُسقينا في حصصك الإلتزام الأخلاقي و العلمي و تشرح ببساطة من قلب مفتوح, أثرّت في حتى أنّك جعلتني أُغيّر طريقة تعاملي الضجره مع العلوم و المُذاكرة.
صدمتني في أول حصّة معك عندما وجدتك تسأل بطريقة مُفاجئة و مُحرجه, لم أكن أعرف أن الجد عندك مُختلط بالهذل, كرهت التعامل معك, أنت لم تعرف أنّي إنسانة قليلة التركيز غارقة ليل نهار في أحلام اليقظة, خاصة في تلك الحصص المُملّه, حصص العلوم بأنواعها, كُنت تُضايقني, جعلت أكثر تركيزك معي, و لن أنسى في إمتحانك الأول عندما أعطيتني أقل درجة, ضحكت علّي و قارنت فشلي بتفوق أخي, الأول دائماً..سُخريتك تلك بقدر ما أزعجتني بقدر ما غيرتني.
كنت في سنوات دراساتي الإبتدائية و حتى الصف الثاني الإعدادي من هؤلاء الذين يجلسون في الصفوف الأماميه و يحصلون على المراكز الأولى, و تحولت عند سنة الإعدادية لأُصبح من هؤلاء الذين يجلسون في الأركان و يتخفّون من مُعلميهم حتى يتسنى لهم أن يسرحوا و يرسموا على المكاتب دون إزعاج و فقدت مع عند المُراهقه تفوقي, قبل أن ألقاك كُنت أسمع من فصولك صوت ضحك هادر, و مع ذلك أخبروني أنك وحش الكيمياء, تصورتك رجل خمسيني أصلع و عيناه بارزتان, خوفي منك كان مُسبق, و ظل حتى بعد أن رأيتك شاب ثلاثيني مرح و صارم في آن واحد, و أنت ضاعفته بتعمّدك إحراجي.
حتى كان هذا اليوم الذي لم أتمالك نفسي و بكيت فيه أمامك, لم تُعاملني بعطف و لا تجاهلتني, قلت بحياد كأنك تُقرّ بحقيقة واقعه (إنتي شاطره و هتكوني أحسن طالبة عندي في الترم التاني) لم أدرِ ما حدث بعدها ربما إيمانك بي جعلني ألتهم الكُتب و أُذاكر على طريقتك المرحه الصارمه, و أتيتك في الترم الثاني بثقة أكبر, كُنت متحفّزه لك و إتخذت قراري بأن أردّ عليك إن سخرت منّي, و هكذا أصبحت أرد عليك الكلمة بالكلمة و أجاوبك قبل أن تسأل, و أخلط مثلك الجد بالهذل, أصدمك بردودي و سُرعتي, فرحت في نهاية العام عندما سمعت أنك تُحدّث كل الفصول عنّي و تتباهى بي, (كان عندي طالبة فاشلة بقت أشطر واحده في الفصل..).
و اليوم الفارق في حياتي و لن أنساه هو آخر يوم لنا معك, عندما طلبت منّي دون غيري أن أنهض و قُلت أنّي أفضل طالبة مرّت بك و أزدت, ليس دراسياً فقط لكن خُلُقاً و عزيمةً و شخصية, و قُلت أنّي حققت لك معادلة صعبة أن أكون متفوقه(دحاحه) و خفيفة الروح, سعدت بل و طرت من كلماتك, أتيتك العام التالي و أنا معي الـ A+ دليل نجاحي..و نجاحك.
و هكذا تغيرت طريقة دراستي و أقبلت على المُذاكره و أحرزت أعلى النتائج في المواد الأخرى..ذلك كان قبل أن تصدمني الدراسة الحكومية في الكُليّه :)
أشكرك يا مستر محمد لأنك زرعت بي الثقة و اليقين و القُدرة على التغيير
*مستر محمد حمدي..مُدرّس الكيمياء المعروف لكل من تخرّج من مدارس دار التربية أو حصل على شهادة الـ IGCSE آنذاك.
هناك 12 تعليقًا:
المدرس كان يعرف قيمة العلم ويؤمن بدوره في العظيم بأنه يؤدي رسالة تؤثر في جيل بأكمله!!
جميل شرين:)
((:
كان فيه مدرس الجغرافيا كان كدة (((:
بس اساسا بحب الجغرافيا ((:
رسالة مهمه ليكى جداً أعتقد هى تمسك أنتى أكتر منه هو
كل سنة و انتى طيبة يا دكتورة ((:
و كل العيلة بخير و سلام
رجعتيني يا شيرين لكل المدرسين اللي مروا في حياتي وكان ليهم تأثير عليا
حقيقي كل واحد فيهم يستحق اكتبله بوست زي ده
في ناس بتاخد من عمرنا وقت قصير
لكن بتدينا تأثير بيفضل لأخر العمر
جميلة يا شيرين
نيللي علي:
مش كلهم يا نيللي ده كان مثال نادر :)
شكراً يا جميل نورتيني
رامي:
أول مره أشوف حد بيحب الجغرافيا :)
أكيد تمسني يا رامي..كل اللي بكتبه بيمسّني..ده غير إني مش هعرف أوصّله الرساله بس الكتابة لوحدها فعل توثيق..عشان مننساش مشاعرنا كانت عامله إزاي و مين أثر فيّنا و بأي شكل.
كل سنة و إنت طيب يا صديقي الطيب :)
بنت من الزمن ده:
صحيح يا دينا عمق التأثير مالوش علاقة بمدّة أو طريقة المعرفة..أنا في ناس مشوفتهمش أساساً مع ذلك لهم تأثير كبير عليّه.
شكراً يا دندونه منوراني دايماً :)
قل لي ولو كذبا كلاما ناعما ...
قد كاد يقتلني بك التمثال ...
مازلت في فن المحبة طفلة ...
بيني وبينك ابحر وجبال ...
لم تستطيعي بعد ان تتفهمي ...
ان الرجال جميعهم اطفال ...
اني لارفض ان اكون مهرجا ...
قزما علي كلماته يحتال ...
فاذا وقفت امام حسنك صامتا ...
فالصمت في حرم الجمال جمال ...
نزار القبانى
ياه يا شرين
بجد رجعتينى لايام المدرسة
كانت اجمل ايام
اتنى كده هتخلينا اكتب عنها
بس مليش دعوة انتوا المسئولين بقى
بس لما اخلص من القطايف
صحيح انتى بقالك مدة مكلتيش قطايف
اه صحيح انا عارف انك مش بتحبيها
تحياتى
إبراهيم رزق:
همّا أطفال فعلاً
نُحبهم مهما لنا أساءوا :)
شكراً على هديتك أستاذ إبراهيم
هستنى تدوينات عن أيام المدرسه أكيد بقلمك هتكون مختلفه :)
ماليش في القطايف صحيح بس بحب كتاباتك :)
تحياتي الدائمه لك
أشكر الستاذ محمد بشدة أن أستطاع أن يجعلك ما انتى عليه حتى نتمتع نحن بما تكتبين :)
وأشكرك لعرفانك له
تحياتى المعطرة
محمد سلامه:
:)
شكراً ليك
نورتني
:) انا حسيت اننا نسخ من بعض كلنا في عالم التدوين بجد لقيت اكتر من حد يكتب اغنية ويكتب تدوينة عليها كنت ناوية اكتب تدوينة عن مدرسة برضه ليها اكبر الاثر في حياتي ولما لقيتك كاتبة عن مدرس ضحكت قلت كلنا هذا الرجل
فعلا المدرسين مش بيأثروا عليك في سنة ولا اتنين دول بياثروا في حياتك العمر كله وشوفي مهما حيمر ممكن تفتكريه وتفضلي تدعيله
صدق اللي قال
قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
دمتي بخير وتفوق دائما
تحياتي
L.G:
مبسوطه أن لنا أفكار قريبة و أكيد لو إتكلمنا في نفس الموضوع هيكون كل واحد له مذاقه و ده اجمل ما في التشابه..الإستقلال :)
هستنى تدوينتك عن المُدرّسه..لأنهم فعلاً بياثروا في حياتنا بشكل كبير.
نورتيني يا جميل
إرسال تعليق