الاثنين، 18 نوفمبر 2013

لأنكم هُنا :)


في الغالب يمُر كأي يوم عادي..لا تنشق الأرض عن السعادة و لا تحدُث المُعجزات أو تزورني المُفاجآت التي دائماً تُراودني, لكني في هذا العيد تحديداً قلبي مُمتلئ بالرضا و السلام و الإمتنان, قررت أن أُحرر نفسي من الهموم و أُجنب الحيرة قليلاً, ليس لأني برأت منها و لا لأني أصبحت خالية الوفاض من الحُزن, لكن لأني سئمت كل هذا العبث الذي يحاوطني و لأن هُناك في الحياة ما يستحق أن نهدأ قليلاً من توترنا لنراه بعين المحبّة, هُناك هؤلاء القلوب في حياتنا, الذين مهما إبتعدوا أو إقتربوا فمُجرد وجودهم في نفس مجرتنا و كوكبنا و أرضنا و تحت سماءنا, مُجرد أنفاسهم الحانية و أرواحهم الحُلوة و حضورهم القوي, كافي لأن يجعل الحياة أفضل و الأعياد أجمل و الهزائم نجاحات..كل عام و أنا بخير لأنكم هُنا :)

الجمعة، 1 نوفمبر 2013

أفضل طريقة لعلاج الشعر


كنت أجلس على الكُرسي الدوّار أُطالع في المرآة نفسي, شعري الندي, جبيني الناصع, نظرتي المُنطفئة, أتمعن في اللون الداكن الذي ظهر مؤخّراً تحت جفني و ترك بوجهي مظهر الإرهاق الدائم, حتى أتت فتاة تتمايل و تُطرقِع بالعلكة في فمها, تُظهِر نصف شعرها من وراء حجاب ضخم فوق رأسها و تضع على وجهها أطنان من الذواق, و ما أن أمسكت بشعري حتى صدرت منها ضحكة ساخرة و هي تسأل "أين شعرك يا آنسة أو يا مدام؟" أجبتها و أنا لم أفهم سؤالها جيداً "أتقصدين أنه خفيف؟", لم ترُد, إنما أمسكت بالمشط و راحت تُمشطه و هي تُتمتم و تُحرك شفتيها في صعبنه و إعتراض و أنا أراقبها في تعجُب و إنتظار, حتى إنهارت مقاومتها أخيراً و قالت:
-يجب أن تُعالجي شعرك..فأنا لم أرى في حياتي شعر بهذا السُمك الضعيف..إنه لا يرقى أن يكون خُصلة من شعر أي من زبائني.
و أنا التي تمشي في الشوارع بثقة تجعلها لا ترى أحداً, و تجلس وراء مكتبها في العمل تُحدث الموظفين بقوة و تُلقي الأوامر بِحزم, أنا التي لا يجرؤ أحد على توجيه النقد لها خوفاً من لسانها الحاد و طبعها الجاد, جلست أمام هذه الفتاة ذات العلكة, كالتلميذة المُذنبه, حتى عِندما كررت كلامها لم أجد بُداً من أن أسألها على طريقة لعلاجه, و أجابتني بأن أتناول أقراص الثوم و الفيتامينات و أن أزور طبيب إن أمكن, و هُنا شبّت فجأة إمرأة أربعينيه تنتظر في الجوار و قالت "أعتقد أنها مسألة مُتعلّقه بالحالة النفسية"
نظرت لها شذراً كأني أقول "إصمُتي" و بالفعل لململت نفسها التي كانت على أعتاب إلقاء مُحاضرة و سكتت.
عِندما تركت الفتاة شعري لترُد على هاتفها المحمول الموضوع في حافظة فاقعة اللون لها أُذُنا أرنب, نظرت إلى المرآة من جديد و من بين صوتها الذي أصبح أرفع و أكثر ميوعة و دلال, طالعت أنا شعري, أو ما تبقى مِنه, شعري الذي كان مثار الإعجاب في الجامعة, و الذي علّق عليه هو كأجمل ما في, تذكرته و هو يقول لي كُلما كُنت أنهض عن حُضنه و أترك شعري عالقاً بشفتيه و منابت ذقنه, "شعرك يقع..ستُصبحين صلعاء" و كُنت أصمت بل و أضحك حتى لا أُفسِد اللحظة, إستكملت الفتاة عملها في شعري و هي تُقرر "سأجعل شعرك خُصل مجعّدة" فإستطردت "لكني أُفضِل الشعر المفرود الناعم", فردّت بِسُخرية  و هي تغمِز"المُجعّد سيجعله يبدو أكثر كثافة" 
في الطريق تذكرت آخر خلاف بيننا عِندما أمسك بشعري بقوّة و هو ينهرني, نظرت له و أنا تحت قبضته بإستجداء, و ما أدراك ما إستجداء المُعتد بنفسه, كُنت أستجدي مشاعره أُحاول أن أُذكّره بتلك الفتاة التي كان يمسح على شعرها و يُلقي على مسامعها كل مرادفات الأمان, كُنت أُحاول أن أُعيد لذاكرته هذه الفتاة التي كان يسترق منها القُبل و المشاعر و يكُتب الغزل في شعرها قبل أن يمتلكها في بيته.
دخلت المنزِل و أنا أفكِّر جِدياً في حل لِمُشكلة شعري, وقفت أمام المرآة و أنا أنظر لشعري الجديد المُجعّد بإستغراب, شعرت أنني لم أعُد أنا, لم تعُد لقسماتي هذه الرقّة, و لم يُعد بوجهي لمحة من أمان, كُنت شاردة, أُخفي خوفي و ألمي وراء قوة زائفة و ثقة مُصطنعه, كُنت بائسة تدّعي المرح و ترتدي الألوان الزاهية, شعري المُجعّد الآن يُناسبني أكثر.
كُنت بكامل بهائي و عنفواني عندما خرجت, وعندما عاد في المساء و لم يجدني و لا وجد كُل ما يخُصّني, أرسل رسالة هاتفية يسألني "لماذا؟" رددت برسالة أخيرة "فقط..أردت أن أُعالج شعري"