نعلم دائماً ما هو الحُب الأول و من هو الحبيب الأول..لكننا لا ندرك أبداً ما هو و من هو الحُب الأخير..
الحُب الأول يعتبره البعض حُب الطفوله و المُراهقه..هذه الرعشه الأولى التي تسري في الجسد و الحُمره الأولى التي تصبغ الملامح, السعاده و الإثاره التي تتملكنا في وجود شخص ما, و يعتبره البعض الخفقان الأول للقلب و الشوق الأول و الخطاب الأول و اللقاء الأول و من ثم الفراق الأول..أما أنا فأعتبر أن هناك فارق كبير بين الحُب الأول و الإعجاب الأول, فيحدث أن تُعجب بأشخاص يمرّون بحياتك, تُعجب بمظهرهم, بثقافتهم, بدماثة خلقهم, بطيبتهم, بقوتهم, بخفتهم..إلخ, و قد يكون الإعجاب بدون سبب..يعجبك فُلان و فقط ربما روحه, نعتقد كذباً حينها أننا نُحب لكن نكتشف بعدها أننا نستطيع أن نفارق من أعجبنا و ننساه بمضي الوقت.
أما الحُب الأول فهو هذا الذي يترك في القلب علامه و ذكرى لا تمحوها الأيام, لكنها لا تؤلمنا! تهفو قلوبنا لها عندما نسمع كلمة "الحُب الأول" و نستعيد ذكريات..هي في الحقيقه ذكريات شبابنا و أيامنا السابقه أكثر منها ذكريات الحبيب..الأيام الخاليه من المسئوليه, الأيام الخوالي التي تُشبه أفلام الأبيض و الأسود, أيام كُنا ملائكه تُرفرف على الأغصان تُغرّد عشقاً, نوهم قلوبنا بالإشتياق, لكن في الواقع لو عاد بنا الزمن لسلكنا نفس الطريق و وقعنا في نفس الإختيارات.
في حياة كل منا وهم يُسمى الحُب الأول..قالها إحسان عبد القدوس و شاهدناها رؤيا العين في فيلم "الوسادة الخالية" المأخوذ من روايته, طبعاً كلنا كرهنا أن نكون زهرة العُلا..و تمنينا لو تزوج صلاح سميحه, لي حكاية مع الفيلم سأذكرها في تدوينه أخرى..في صبايا لم أقتنع بالمقوله حتى كبرت و أدركت أن ثمرة الحُب الأول و إن إختلف طعمها لكنها ليست الألذ..و ليس طعمها الأبقى.
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى..ما الحُبُ إلا للحبيبِ الأولِ
كم منزل في الأرض يألفه الفتى..و حنينه أبداً لأول منزلِ
هكذا قال أبو تمام في أبياته البديعه و لم أقتنع..الحُب الأول غالباً حب فاشل..فهل أظل أسيرة حُب فشل و صفحة إنطوت لمجرد أنها أول نقش على القلب! نعم أحن لبيتي الأول و دُميتي الأولى و مدرستي الأولى..لكن منزلي الآن يناسبني أكثر, يناسب طموحي وأحلامي و تطور مُفرداتي..أكثر.
نقل فؤادك حيث شئت فلن ترى..كهوى جديد أو كوجه مقبلِ
عشقي لمنزلي الذي استحدثته..أما الذي ولــى فليس بمنزلي
هكذا رد عليه الفطحل في تناقض تام..يؤكد عبثية الإستمرار في حُب من فاتنا..
دعْ حبّ أول من كلفتَ بحبّـه
ما الحبّ إلا للحبيـبِ الآخـرِ
ما قدْ تولى لا ارتجاعَ لطيبـه
هل غائب اللذات مثل الحاضرِ
هكذا قال الأصبهاني و ربما إقتنعت..و إعتبرت أن غائب اللذات هو الغائب عن القلب و الذهن و ليس الغائب عن العين, فالحبيب هو أكثر البشر حضوراً و لو في آخر الكون, و الحُب الذي لا يتركنا حتى و إن تركناه هو الأبقى, و لو عشقنا قبله و بعده ألف مره سيظل هو الأبقى..
سأختم حديثي التافه بكلمات أحتفظ بها منذ سنوات دون أن أدركها, كلمات أقنعتني حد الذهول للدكتور مصطفى محمود..
آخر
حب هو أعمق حب لأن البنت تحب رجلها بكل خبراتها
و
بكل تطورها. و تاريخها
و
تبادله مسرات كثيره لا حد لها..
و
ليس صحيحاً أن أول حب هو أعظم حب..
و
الصحيح أن أول حب هو أصغر حب..
و
أكبر غلطها يرتكبها الرجل هي أن يتزوج أول
حبه..!
هي ليست دعوه لنبذ أول حُب و ليست دعوه للبحث عن آخر حُب..في الحقيقه الحُب هو من يظل يبحث عنا حتى نتعثر به أو نظل ننتظره..
هي مجرد تخاريف و السلام