عندما شاهدت فيلم Something's Gotta Give لجاك نيكلسون, لأول مره منذ سنوات علق في ذاكرتي بشكل غريب, الفيلم يدور حول رجل تخطى الستين يمر بأزمات قلبية, و متعدد العلاقات مع الفتايات تحت الثلاثين, حتى يصادف الحظ أن يذهب مع فتاته الجديدة لبيت أمها فيلعب القدر لعبته و يكتشف هو و الفتاة أنهما مجرد صديقين و يقع الرجل في علاقة حُب مع أُمها التي تعمل كاتبة, ثم يتركها كرجل مستهتر يجمع الحُب, و يمشي بعد أن شُفي من أزمته القلبية, و تحاول هي كإمرأة ناضجه نسيانه و نسيان وعوده لها بأن يقضيا عيد ميلادهما بباريس, و نسيان أنه الرجل الوحيد الذي هزّ مشاعرها بعد أن وصلت لهذه السن, و أنه الوحيد الذي إستطاع أن يجعلها لا تخشى من تجاعيدها , لكن عندما تراه في إحدى المنسبات صُدفة مع إمرأة أخرى تحت الثلاثين, تنفجر مشاعرها كفتاة مُراهقة و تشعر أخيراً بأن قلبها كُسر و بأنها أحبته فعلاً في حين كانت له مجرد نزوة أخرى.
"أصبح البكاء عادتي الجديدة" قالتها البطلة و هي تبكي و تكتب بنهم بعد أن قررت أن تُحول حُبها له لعمل أدبي و تنزفه على الأسطر, فكتبت رواية كاملة و هي تبكي, جملة البطلة علقت بذهني حتى طفت هذه الأيام على السطح, بعد عدة شهور أُصيب فيهم البطل العجوز بأزمة قلبية جديدة قرر زيارة كل فتاة أفسد لها حياتها (بعادة الترك بعد جمع أكبر مشاعر ممكنة) و إعتذر لهن جميعاً, ثم ختم رحلته بالبحث عن البطلة الكاتبة التي كانت تقضي عيد ميلادها في باريس, و هناك فاجأها و حكى لها عن رحلته و كيف أنه قرر أن ينتهي عندها, و لكن حديثه الطويل و إعترافه الجميل أتى مُتأخراً, لأنها كانت برفقة صديق مشترك, غادر البطل المطعم و وقف أمام نهر السين و هو يُحدث نفسه بجملة هزلية حزينة لم أنساها (و أخيراً..خمّن من هي الفتاة) بعد كل نزواته و بعد أن كسر قلبها الذي أحبه بصدق, و بعد أن كان يظن أن بإمكانه جمع المزيد من الحُب و السعادة, أيقن أن هذه المرأة الخمسينية هي الفتاة..هي الفتاة التي دخلت قلبه فوصمته بالشمع الأحمر, لم تكن نزوة و قصة حُب تُعذبه و يُعذبها, كانت فتاته التي بحث عنها ليعتذر لها بمكابره فإذا به أمام حبيبته الحقيقية, و إكتمل جمال المشهد عندما فاجأته البطله أمام نهر السين لتُخبره أنها مازالت تُحبه و أن الصديق شعر بما كان يعتلج بالصدور من مشاعر ففضل الإنسحاب, إعترف لها أنها حُبهُ الصادق و تبادلا القُبل في مشهد يبدو تقليدي لكنه يمس القلوب خاصة هؤلاء من أصبح البكاء عادتهم الجديدة!
كنت أشاهد اليوم مع إبني فيلم رائع مأخوذ من الرواية العالمية "الأرنب المخملي" عن طفل صغير يتيم الأُم و يعاني من قسوة مشاعر من حوله, فيحاول أن يهرب إلى عالم من صنعه بمشاركة دُمية الأرنب التي تحولت لصديق مُقرب منه, و عاشا معاً في عالم كارتوني من خيال الصبي, بمرور الفيلم إستطاع الأرنب صديقه أن يساعده أن يعيش واقعه و أصبح أباه و جدته عائلة حقيقية دافئة المشاعر عند نهاية الفيلم, ما هالني هي تلك الدموع التي كست وجهي طوال الفيلم من تعبيرات الطفل المحروم من العاطفة, و إشتدت وطأة الدموع عندما تحول الأرنب الدُمية لحيوان حقيقي فقال الطفل جملته العبقرية (الحُب يجعلنا حقيقين) و أضيف أنا من لحم و دم و مشاعر و أنفاس...نحن لا نتنفس بدون حُب.
في المساء عُدت لقراءة رواية "مائة عام من العزلة" تلك الرواية التي لا تنتهي, مرت معي بالكثير من الأحداث حتى أنني أتمنى أن أنهيها قبل أن تنهيني, و بالرغم من أني مررت بها بالعديد من المشاهد المؤثرة إلا أنها لم تُحرك دموعي, حتى كان هذا المشهد الصغير التافه مقارنة بالأحداث, عندما مات الرجل في بيت زوجته كما وعدها و ليس في بيت محظيته التي عشقها و عشقته حتى الثمالة و قضى معها أكثر أوقاته لأن زوجته كانت متعجرفة, حجرية الطبع حادة المزاج و لم تكن تلك العاشقة, ساعدته محظيته بالوفاء بعهده و الموت على سرير زوجته, ودعته بالدموع, و عندما جآءها النبأ ذهبت بحذاءه اللامع الذي أراد أن يُدفن به لبيته و توسلت لزوجته أن تُلقي عليه النظرة الأخيرة, فما كان من المتعجرفة إلا أن طردتها و نعتتها بالعُهر و قالت لها أن تُعطي الحذاء لعشيق آخر, لا أعرف لماذا بكيت أمام توسل الحبيبة و قسوة الزوجة, فأنا لا أكره في حياتي مثل القُساة الذين فقدوا جزء من مشاعرهم و بقلوبهم غرفة ميتة, حتى أنهم يمزقون الناس بتصرفاتهم دون أدنى شعور, و تلك المحظية العاهرة لم تكن إلّا حبيبة صادقة, إستمرت بإخلاص في ما بعد بإرسال المؤن لزوجة حبيبها كما كان يفعل هو حين كان معها, لماذا بكيت من هذا المشهد الصغير في تلك الرواية المزدحمة بزخم المشاعر و الأحداث, لا أدري.
أخاف أن تُصبح عادتي الجديدة البكاء!
هناك 8 تعليقات:
الفيلم الأول جميل جدا... محزن.. مبكي... نهايته جنيلة. أعشق تمثيل البطلة.. أشعر معها بالألفة دائما.. وكأنني أعرفها وتعرفني.. عندها حنان غير متصنع يشع من عينيها!
أما فيلم الأرنب البارحة.. شاهدته وفرحت به جدا... وتوقفت عند نفس العبارة.. الحب يجعلنا حقيقيين! وفكرت بها كثيرا.. أعجبني العالم الخيالي.. تمنيت أن أهرب إلى عالم مثله.. أعيش مع ألعاب وأتحدث معهم.. وأخبرهم أماني المكبوتة.. لو كنت أصغر لصدقت الأسطورة.. بل تمنيت أن أصدقها فعلا.. تمنيت أن تتحول لعبتي إلى حقيقة تجالسني وتحدثني.. لكنها بالفعل تحولت عندما أنجبت أجمل ثلاث ألعاب حقيقية في العالم
سعدت جدا بوجودي هنا
أنه الوحيد الذي إستطاع أن يجعلها لا تخشى من تجاعيدها):
http://youtu.be/3H21fj0hQRM
أعتقد ان الأغنية دى مناسبة جداً
أنا أفلام الأطفال عموما بتموتنى
((:
......
مئة عام من العزلة
أحتجت فترة نقاهه كبببيييييرة جداً علشان اقدر أقرا بعدها
((:
........
أعتقدت كانت عادة قديمة ...عندى ((:
كل كلمة تكتبيها في مدونتك
تجعليها بنكهتك بإحساس ساحر
...............
*
"(و أخيراً..خمّن من هي الفتاة)
أيقن أن هذه المرأة الخمسينية هي الفتاة..هي الفتاة التي دخلت قلبه فوصمته بالشمع الأحمر"
*
"الحب يجعلنا حقيقين"
نعم الحب سر من أسرار الحياة
*
"مائة عام من العزلة غابرييل غارسيا ماركيز"
ليست لأحداث الرواية فقط بل على قارئها أيضا_هذا رأيي_
أدام الله سعادتك و أبعد عنك البكاء :))
الدموع نعمه من الله وبها يغسل الانسان همومه و أعبائه و روحه .....
تدوينه رائعه و مؤثره
نسرين:
أنا كمان بحب تمثيلها جداااا بسيطه و دافئه :)
للأسف أنا دائماً أعيش في هذا العالم الخيالي و ساعات بتعب زي الولد لمّا بحس إني مش قادره أرجع للواقع تاني
أنا كمان لُعبي حقيقية تُعذبني أكثر لأنها ربطتني بالواقع أكثر...
أنا اسعد بتواجدك :)
رامي:
شكراً على الأغنية بسمعها دلوقتي :)
و أنا كمان يا رامي ممكن أكتب عن أفلام الكارتون تدوينه قريب
الرواية خلصتها أخيراً و فعلاً ربكتني :)
ربنا ميقطلعلنا عادة :)))
حياة:
ربنا يخليكي على كلامك الجميل
دايماً بتسعديني بتواجدك :)
أرق تحية لكِ
مصطفى جزر:
مش قادره أوافق على كلامك
ساعات بتيقى نعمة
و كتير بتكون ضعف
نورتني يا صديقي
إرسال تعليق