الأحد، 29 أبريل 2012

أمي...و الشاطئ الآخر



كل يوم يمرّ عليّ أسأل نفسي نفس السؤال


لماذا يا أُمي؟

لماذا زرعتي في بذور السذاجه و حسن النية..ألم تعرفي أنها ستطرح عند كبري الألم و الخيبة.


لماذا وضعتي في العزة و الكبرياء..ألم تعرفي أنها ستغدو عند كبري حماقة كُبرى وأني سأمر بمراحل الذُل دون هواده.


لماذا يا أمي عاملتيني كأميره..حرمّتي علي دخول المطبخ و حمل الأشياء و كل عمل قد يترك أثره على يدّي الصغيرتين, تركتيني لألهو و أضحك و أقرأ همستي لي بأني الحُسن يشمي على قدمين و النور الساطع بين السُحب, و أن شموخي في تلقائيتي و جاذبيتي في عفويتي, ألم تعرفي أني أعيش في زمن يحترم الرعاع و يسحق الأميرات!



لماذا يا أمي أخبرتيني أن الطيبة حُلوه و العفو جنة, لماذا محوتي من قاموسي كلمة "خصام"...كم إحتجتها منذ كبرت و لم أجدها كم تمنيت أن تكون لدي عادة "القمص" لماذا لا أخاصم من يؤذيني لماذا لا "ألوي بوذي" و "أتقمص" مثل كل البنات..(متناميش و إنت مخاصمه حد) ظننتي الخصام سيؤلمني؟ لم تعرفي يوماً كم آذاني تسامحي الأعمى.


لماذا يا أمي نبأتيني أن الدراسه هي الطب و الهندسه..لماذا حلمتي بي "دكتوره" و أنا من أكره المستشفيات و رائحة الدواء..لماذا تصورتيني دوماً بالـ(البالطو) الأبيض و الكل يناديني..دكتوره..يظنون الدواء عندي و أنا لا أملك إلا الداء..


لماذا كنت دائماً تتمنين أن أتزوج مبكراً...و أن يكون "دكتور" أيضاً..أتعرفين أني "طفشت" العديد من العرسان دون علمك خوفاً من موافقتك..و كنت أنظر إلى أي شاب ليس "دكتور" أنه للأسف غير مناسب و كأن مكتب التنسيق هو من سيختار زوجي! , عشت في سني الصغيره إحساس التأخر في الزواج, و أنا من تزوجت في ال 22 من عمري!


لماذا يا أمي أخبرتيني أنني لا يجب أن أُخطئ..عشت حياتي "أعمل الصح" لا أُخطئ أبداً! و قلتي لي أن الإستغفار ثلاثاً يمحي الذنب...صدقتك و إستغفرت و لكني لم أندم..ليس لدي سبيل للندم..و لم أعرف قبلاً كم هي صعبه...التوبه.


لماذ يا أمي كل شئ عندك كان جميل و أبيض؟ ألا تعرفي أن الحياة بها الكثير من القبح و السواد..ماذا أفعل بنظارتي الورديه الآن؟ حطمتها الحياه لو تعرفين..و الطفلة الشقراء الضحوكه داخلي أصبحت تبكي بصوت عال..و تتمنى لو كانت أخرى..أقوى.


أتعرفين يا أمي أني أخيراً تمردت...ألقيت حذائي العالي و مشيت حافيه, إستبدلت فستاني الأبيض بآخر أحمر, و شعري المُهذّب بآخر غجري, رسمت عيوني بكحل فاحم, نحّيت براءتي, نزعت الإحترام المبالغ من عباراتي, وضعت بمعصمي العديد من الأساور يغطي صوت صليلها صوت بكاء طفلتي الحمقاء, و غادرت أرضك الساذجه, مشيت بسعاده في الأسواق, سهرت أناجي القمر في الطلّ و ليس من وراء النافذه و إبتسمت للشمس عندما طلّت على عيوني التي لم تنام,  ترددت على المقاهي و مشطت الشوارع بحثاً عن ذاتي, رقص قلبي فرحاً بحياة الصعاليك التي طالما نشدها و بحُرية دبت بين أوصاله.


لكن لم يدم الأمر طويلاً يا أمي..نظرات الناس لي كانت غريبه, قاسية, قاصية, أخبرتهم أني "أنا" قالوا لا لست أنتِ, نظرتك تقول أنك لست من هنا, أنتِ أميره تائهه ضائعه..عودي إلى شاطئك الآخر..فليس هنا مكانك و السعاده هنا ليست من حقك و لا تليق بك, إذهبي إلى قصرك البارد, إجدلي شعرك ضفائر و إخلعي خلخالك, إخفضي صوت ضحكتك و إحبسي أنفاسك, عودي لأرضك الطيبة و صفي الدواء كما كنتِ.


و ها أنا عدت يا أمي بعد أن لفظني الشاطئ الآخر..طريدة الجنة أنا و طريدة النار..
إطلبي لي الرضا....و الرحمة يا أمي...




*************

تم الإنتهاء من الكتاب الإلكتروني الجماعي "كلام ألوان"
لي مشاركه فيه بقصة "نُطفته"
 بالإضافه لمشاركة نُخبة من المدونون

التحميل من هنا
و صفحة الجودريدز هنا

هنتظر رأيكم :)

هناك 9 تعليقات:

نيسآان يقول...

معلش يا شيري
ماما بريئه المره دي؛)
الذنب الوحيد اللي ممكن تلوميها عليه انها جابتك على الدنيا هههههههه
لكن الطبع يغلب على التطبع والتربيه و كل القوى الخارجيه المندسه والعميله

الاصل هو اللي بيحكم وانتي اصلي مش صيني؛)
فلا تلومي أحد الا نفسك

نيسآان يقول...

بالمناسبه...مساء الفل

صابر علي زمانه يقول...

عجبا لانسان كرمه اهله ولم يحرموة من شئ
وجعلوةا منه صورة جميلة يتمناها كل من يصبواالي الجنة ولكنه ابي ان يكون جنة وحلم فكره ملائكيته واحب حياة التمرد الذي ان استمر فيها سيخسر كل شئ
كل شئ عودي يابنتي الي عالمك البرئ
نعم الام هي ونعم البنت انتي ان اطعتيها
لاتبهرك الاضواء فانتي مؤكد نجمة
اما هذا العالم الذي ذهبتي اليه ليس عالمك
احسست بصدق كلماتك فوجبت علي نصيجتك
لوجه الله

ابراهيم رزق يقول...

ملاك التدوين


لما عفوت و لم احقد على احد .. ارحت نفسى من هم العدوات
انى احى عدوى عند رؤيته .. لادفع الشرعنى بالتحيات
و اظهر البشر للانسان مودته .. كما انى قد حشى قلبى مودات

قالوا سكت و قد خوصمت قلت لهم.. ان الجواب لباب الشر مفتاح
و الصمت عن جاهل اواحمق شرف .. و فيه ايضا لصوص العرض اصلاح
اما ترى الاسد تخشى و هى صامتة .. و الكلب يخشى لعمرى وهو نباج
شعر الامام الشافعى

الملائكة لا تنجب الا ملائكة
ساعات بفكر و اقول فى نفسى انا هربى عيالى ازاى
اربيهم على الادب و الاحترام فى زمن زى ما قال عمنا سيد حجاب الطيبة بتتعيب
لكن ارجع و اقول فى النهاية لا يصح الا الصحيح
و بعدين مين قالك ان الناس بتنظر لكى ربما احساسك فقط هو الذى يجعلك مستغربة فى عيون الناس
الصعاليك لا تستغرب شىء لان حياتهم مبنية على الغرابة نفسها
اما القصور الباردة فاحيانا و فى الغالب جميع القصورباردة
لانها فى الاول و الاخر تفتقد الانفاس الصادقة
تنقلى بين الشاطئين و اختارى ما يحلو لكى من احسنه
تحياتى لكى و تحياتى لكل ام جميلة

ابراهيم رزق يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
SHARKawi يقول...

لن أطيل في كلماتي وتعليقي ..
فلربما كل ما كتبتية يحتاج وقفة بتعليق يشبة موضوع جديد ..
ولكن ها هي كلماتي بإختصار شديد أرجو أن تكون بها الجواب للسؤال العليل . وربما كانت إجابة الأم الفاضللة ..

أخبرك بأن الإجابة ستجديها عندما تصبحين أما يوما ما . ( ربنا يرزقك الذرية الصالحة . أمين )

وبأنها أحبتك بطريقتها . هكذا فهمت الحب . فهمت النجاح . فهمت الحياه .

وهكذا كان مفهومها لكل شيء ربتك عليه .

أرادتك أميرة فلا تلوميها .

تحياتي وتقبلي مروري

وصف الاحساس يقول...

سبحان الله كل واحد مش عاجبه حاله
لو كانت عملت العكس كنتي برده اشتكيتي ليه انا ال كده ليه امي كده كان نفسي ونفسي ونفسي
هو ده الانسان دايما يحب ال مش عنده

دعاء يقول...

لمَ ؟!!
أنا شاكرةٌ لأمكِ لأنها علمتكِ هذا كله !
فمن النادرِ أن تجدي أمًا كهذه في عالمٍ ملأه فلول العولمة ،
و طالت كل التعريفاتِ و المفاهيم ،
حتى الالأسرة و الأمومة و الابوة ..
الحمد لله أن هناك من بقي صفيًا هكذا !
و علّضم أولاده هذا !
:))

هامش : بانتظار رأيكِ في قصتي " الموعدُ الأوّل " !

دمتِ بأملْ ..

تحيآاتي لكِ ..

دعاء العطار يقول...

الله ياشيرين

خليكى كده ياشيرين حتى لو الدنيا وحشه .. حتى لو حسيتى ان برائتك سذاجه وصدقك بقى موضه قديمه وقلبك الابيض مش لاقيله مكان

صدقينى انتى كده احسن واحلى .. كفايه انك عمله نادره :)

وحشتنى كتاباتك اووى ^_^