الجمعة، 16 مارس 2012

البساط الأحمر...red carpet


تمشي بخطوات ثابته بطيئه لأول مره على البساط الأحمر, الأضواء تكاد تعميها و الكاميرات تحجب تماماً رؤية البشر المتكدسون بالخلف, تختال بنفسها في هذا اللحظه التاريخيه إلى جانبها يسير بطل الفيلم مزهواً بنفسه و قد إرتدى البذله السموكن و صفف شعره الفاحم للوراء بالزيوت و أعطاه اللمعان بالشمع, جواره  تسير البطله الشقراء طويلة القامه و قد صبغت وجهها بكل الألوان و تفننت في إبراز مفاتنها, تمشي بخطوات راقصه يشعلها الفستان الذهبي المطرز, يتقدمهم جميعاً المخرج ببذلته البيضاء و شعره الرمادي الطويل و نظراته النرجسية, و هيئته الرصينه لإعتياده على مثل هذه المهرجانات.


أما هي فكانت تلتزم بقواعد الريد كاربت, ترتدي فستان أسود أنيق بذيل طويل و تفاصيل ناعمه و تعقص شعرها بمشبك ماسي بسيط, إنه ظهورها الأول في عالم الشهره فهي مجرد مؤلفه مغموره, و لم يكن خيالها ليذهب بها لهذه اللحظه أبداً لكنها تعودت أن تحافظ على طلّتها البسيطه بصرف النظر عن ضخامة الحدث, لم تنتظر هذا اليوم, قبل ستة أشهر تفاجأت بمكالمه هاتفيه من مساعد المخرج يخبرها بأن روايتها حازت على الإعجاب و يطلب منها ميعاد لتوقيع عقد لفيلم جديد, ثم بدأت تسمع عن الأخبار من الصحف و المجلات, لم تكن جزء من التصوير على أي حال و لم تتح لها فرصة التدخل أو إبداء الرأي, حتى فريق العمل لم يتح لها أن تقابلهم سوى عدة مرات آخرهم هنا في هذا المهرجان العالمي.


أتت ليراها..ليعرف أنها ها هنا أصبحت نجمه بحق..ليرى نجاحها المبهر, جمالها الأخاذ و خطواتها الواثقه, كانت تحاول جاهدة ألا تتذكره في هذا اللحظه بالذات, فقد شغلها أعواماً عديده حتى إستطاعت أن تغلب روحها و تنساه فماذا أتى به الآن لخيالها و ليست هذه اللحظة المناسبه لحضوره, كان يظنها كاتبه جيده في المتوسط, قد تنجح في نشر رواية على أحسن تقدير, كانت تطلب منه في كل مره تلقاه أن يقرأها..يقرأ كتاباتها و يقرأ عيناها, كان يقرأ كتاباتها بتململ و يقف كالأمّي أمام عيناها, لم يدرك يوماً...


شاعر عظيم...ليس بمشاعرها! , لكن شاعر يُتقن الشعر و لغة الجذب و الإغواء, إغواء العقل و القلب, عندما يُلقي أبياته تتوقف دنيتها عن الدوران, و تتعلق عيناها به لا تريد شئ سواه و عندما يعود لأدراجه كصديق تعشق تفاصيله المجنونه أكثر, أشعاره كلها لها..لحبيبة تركته, هي تعلم لكن شعرة الحب الكاذبه التي تعلقت بها كانت توهمها بأن بعض الكلمات قد تنطبق عليها..فظلت تكتبه و يكتبها هي, تبكيه و يبكيها هي, تشتاقه و يشتاقها هي, تنزفه و ينزفها هي, و كأنهما نهران من نفس النبع ينقسمان, يجريان بطول الحزن ثم يتصلان في حوض واحد من الألم,حتى صارت ترثيه و تعرف أنه يرثيها هي, حبيبه هجرته و حبيب لم تشغل فيه أكثر من بعض الوقت.


تبتسم للكاميرات بخجل متردد..تسألها مذيعه أجنبيه ترد بكلمات قليله واثقه منطلقه و كأنها صاحبة النجاح الوحيده, تطلب الأمر الكثير حتى تنساه, رياضه عنيفه حافظت عل رشاقه جسدها و دورات متنوعه في الكتابه و السيناريو جعلت عفوية كتاباتها تتطور لنضج ملموس, لم تكتبه في الروايه و لكن كتبت نفسها, وزعت روحها بين الشخصيات المختلفه, فالبطل يحمل طموحها و أحلامها و جرأتها, و البطله تحمل ضعفها و طيبتها, الصديق يحمل شرّها و رغبتها الدفينه في الإنتقام من قدرٍ ظالم, و الصديقه تحمل روحها المرحه و إشراقتها, و لكن كيف لم تكتبه و هو جزء من روحها, هو هذا الجزء المجنون الذي زجّ بالأحداث بكل تأكيد..فقد قررت قبل زمن أن تحوّل حبها له لأدب..ليعيش..كم تمنت لو كان كتب فيها و لو بضع كلمات تعيش بها..


رأت نظرته الحاده في عين أحد المصورين, و هذا الصحفي له نفس حاجباه المثيران بإتصالهما و حركاتهما مع الحديث, و هذا الفنان له نفس مشيته الغير مكترثه , بدأت تضطرب لماذا يحاصرها بوجوده, و في لحظة لم تتوقعها غابت عن الواقع و تعثرت بالسجادة الحمراء الطويله..سقطت كإنهيار زينة فرح تتلوه العتمه, قدمها ملتويه تؤلمها, الكعب العالي للحذاء كُسر, حتى شعرها البُني سقطت خصلاته على وجهها, تجمّع حولها بعض البشر في عيونهم نظرات بين الشفقه و الهلع و الشماته, قاومت البكاء بشده و هي قابعة على الأرض الحمراء...ياااه لقسوة السقوط.


لا ليست هذه النهايه..


نهضت برشاقه أمسكت بالحذاء بأطراف أصابع يدها اليسرى, اليد اليمنى كانت تغوص في شعرها لتنثر خصلاته على ظهرها و كتفيها, سارت بمرح..إستطاعت أن تغتصب إبتسامة الجميع و إستعادت روحها بسرعه..ثم إنهالت عليها الكاميرات و الميكروفونات بشكل غير مسبوق.


في اليوم التالي كانت تتصفح المجلات التي إتخذت من صورتها حافيه على البساط الأحمر غلاف, إبتسمت طويلاً بإيمان..فليس كل سقوط يعني النهايه, هناك نهوض له روعة الأحلام..و جمال البدايات.


*************


بعتذر عن غلق المدونه عدة أيام شوية لخبطة و عدّتالحمد لله  و بشكر كل اللي سألوا عني و طالبوني بإعادة فتحها أخص بالشكر صديقي و زميلي في التدوين و الصيدله مصطفى سيف و استاذ إبراهيم رزق أخي الأكبر و مُشجعي دائماً و أستاذي يوسف مش عايزه أقول أبي عشان مكبرهوش لكني أعتبره أبي الروحي في التدوين...شكراً لكم :)

هناك 13 تعليقًا:

سواح في ملك اللــــــــــــــــــه- يقول...

.فليس كل سقوط يعني النهايه, هناك نهوض له روعة الأحلام..و جمال البدايات.

وقديما قالوا

الضربة التي لاتقصم الظهر تقويه

اتمني يوما ان يتحقق خيالك الجميل

ليصبح واقعا

تحيتي يافراشة التدوين

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

الضربة التي لاتقصم الظهر تقويه

قالها خالد قبلى

بالفعل هناك وقعات فى ظاهرها الفشل وتحمل فى باطنها القوة ودفعة قوية للامام

المهم ان يتحلى الانسان فى داخله بقوة اخرى هى قوة الارادة والامل والتفاؤل والاصرار على مواصلة الحياة وان يعى جيدا ان الحياة لا تقف عند حد معين او انسان واحد

الحياة عامرة بوسائل عديدة للسعادة والاستمرارية


بارك الله فى قلمك يا اجمل شيرين
رقيقة الاحساس وراقية الحرف والقلم

لك ارق تحية وباقات ياسمين تعطر يومك حبيبتى

Unknown يقول...

هي الحياة بشقّيها و بينهما ترتسم الارادة ...

تقديري

candy يقول...

جميلة جدا جدا :)

ليست هذة النهاية فعلاً .. أحيانا بيكون السقوط ، ضعف مثير وجميل وحالة تميز عن الميتين وقوفاً ...

عجبتنى قوى تحياتى :) <3

مصطفى سيف الدين يقول...

ليس كل سقوط هو النهاية بل ان السقوط هو انطلاقة جديدة و بداية جديدة
ايوة كده افتحي المدونة علشان نشوف لونها الوردي الجميل اللي بيصبغ احلامنا بلونه
ومش مستاهلة الشكر يا شيرين انتي تستاهلي كل خير
القصة جميلة جدا
تسلم ايدك

ابراهيم رزق يقول...

لماذا تبحثين عن الثبات
حين يكون بوسعنا ان نحتفظ بعلاقتنا البحرية
تلك التى تتراوح بين المد و الجذر
بين التراجع و الاقتحام
بين الحنان الشامل و الدمار الشامل
فالسمكة ارقى من الشجرة
و السنجاب اهم من الغصن
و السحابة اهم من نيويورك

بجد جميلة جدا يا شرين
احيانا اضواء الشهرة تاخذنا
قد يستفيد الانسان من التوقف و السقوط اكثر من استفادته اذا صار فى الطريق دون توقف
فالتوقف يعطى فرصة لالتقاط الانفاس و اعادة ترتيب الاوراق و التعثر فى حجر صغير صغير قد يعطينا الحذر من الوقوع فى بئر عميق فى الخطوة التالية
ناتى لقصتك الجميلة جداااااااا لو نظرت الى نفسها تجد ان المئات قد صار على الريد كاربت لكنها الوحيدة التى تميزت و تصدرت المشهد
النجاح له بريق احيانا يجلب الصداع و فى احيان اخرى يزغلل العين و من الحكمة ان نتوقف و نتناول قرص اسبرين قبل ان تصير الرويأ باهتة او تحجب تماما

تحياتى و تقديرى اختى العزيزة

ابراهيم رزق يقول...

معلش الكلام اللى فى الاول لنزار القبانى

رؤى عليوة يقول...

صباح الفل شيرين كنتى على بالى بس النت الله يسامحه مانعنى اسأل او اعلق

القصة جميله ومعناها جميل

لى ملحوظة صغيرة ( قدر ظالم !!) بلاش التعبير ده القدر من عند الله ولا يمكن يكون ظالم حتى فى كتاباتنا العفوية بلاش نقع فى اخطاء الله اعلم يمكن تكون كبيرة

تقبلى مرورى
ولك تحياتى :)

رؤى

I have changed يقول...

فعلا كلامك جميل احلي حاجة ان الواحدة لما تقع تقدر تقوم تاني وتعتبرها بداية جديدة ،انا حددت"واحدة" علشان احنا لما بنتكسشر بيكون وقوفنا مرة تانية صعب شوية بس مش مستحيل
انا اول مرة ادخل هنا وارجو اني اكون اخت ليكي في الله

سكن الليل يقول...

سقوطنا ماهو إلا بداية لعلو أكثر مما تمنيناه

هناك دائما فسحة للوقوف من جديد
ولملمة روحنا المتبعثرة هنا وهناك
تزداد قوة وصلابة وتحملا

تعود نجمة متلألئة
ما زاداتها الدموع إلا لمعانا وضياءً

--

أختي شيرين
عودة حميدة

في لحظة ومشهد واحد امتزجت الذكريات بمشاعرنا

كلنا مر حتى لو بجزء من مشاعر بطلتنا

تسلمي ^_^

نيسآان يقول...

هذه هي الروح العفويه البسيطه الصادقه المرحه التي اوصلتها للبساط للاحمر والتي ساعدتها في تخطي محنة الفراق وهي نفسها التي انقذتها من احراج السقطه ....فلتحيا العفويه ولتدم بخير يا رب.

eng_semsem يقول...

لكل جواد كبوه
وان لم يكن مع السقوط خروج للروح فهذا يعني بداية جديده لمقاومة الماضي والوصول الى المستقبل
تحياتي

مروه زهران يقول...

جميلة أوى يا شيرين
كما أنتى ائعة
مبروووووووك
ويارب قريب نلاقيها فى الكتاب