أطفأ الأنوار الصريحه و ترك فقط ضوء المصباح الصغير القابع فوق مكتبه, أشرع النافذه لضوء القمر, وضع إسطوانه لموسيقى صاخبه, جلس ممدداً قدميه العاريتين على أريكه مريحه جوار المكتب, إنها طقوسه المناسبة تماماً لكتابة شعر جديد, بالقلم الأسود بدأ في كتابة المطلع..
أنا بعشق الكُحل..اللي كحّل رموشك
و أحمر شفايف..اللي زيّن شفايف
ده أنا بحسد الليل..اللي سهّر عيونك
و أحسد عيوني لما أكون..يا حبيبتي شايفك
دخلت عليه في ثوب أسود أنيق تزيّنه زهرة حمراء في منتصف الصدر,و قد وضعت من الذواق ما يجعلها تنافس ضوء القمر و سحر الليل, شفتان مرسومتان كحبة الفراولة المُسقاه بنبيذ العشق, عينان متشحتان بسواد يزيدهما غموضاً و جاذبية و محددتان برموش هي سهام تحمل رسائل العشق السريّه, و حاجبان يشهدان بأن البراءة هي الأشد إغواء, و وجنتان يحملان سرّ لون الغروب عندما يخجل من سطوة الليل, و أمواج من شعر الخيل البنّي تفترش ظهرها و كتفيها, لكنه لم يلحظها إلا عندما نادته بصوت يبالغ في رقته أمام الحبيب:
-مش كفايه شغل؟
-لا مش كفايه..أنا لسّه يادوب في البدايه.
أمسكت بذقنه و رفعت عيناه ليراها, إبتسم بتصنّع و لم يعقب, قالت له بإندهاش:
-ألم تلحظ شيئاً؟ لماذا تنظر لي و كأني بالبيجامه الورديه, أو ببدلة العمل الرماديه, أو بالجينز و التي-شيرت, أما لاحظت طلّة جديده؟
حاول جاهداً أن يبحث عن جديد يقوله لها, حتى أيقن أخيراً أنها تتحدث عن فستانها الذي يبدو جديداً, فقال لها من خلال إبتسامته:
-جميل الفستان..بس هيكون أذوق لو شيلتي الورده.
-حاضر.
نزعتها بعصبيه..
-ممكن تعمليلي فنجان قهوه عشان أخلّص بسرعه.
-حاضر.
ده أنا بحسد كل كلمة بتسمعيها
كل كلمة بتقوليها
كل حاجه تحسّي بيها
عارفه ليــه؟
بحبك..بحبك..مش عارف قد إيه
دخلت عليه بالقهوه و سألته بنفس الرقة المبالغ فيها:
-قرّبت تخلّص يا حبيبي؟
.
..
..
-حبيبي فاضل كتير؟
إنتبه على سؤالها الثاني, لم تكن لديه إجابه فهو لا يعرف متى سينتهي, و لا يعرف إجابات قاطعه لمعظم أسئلتها, و يمقت الإجابات الرماديه بـ إن شاء الله, هشوف, ربنا يسهل...فيؤثر الصمت, لكنها أعادت السؤال للمره الثالثه و قد بدأت الرقه في التلاشي من صوتها,
-ماعنديش إجابه لسؤالك..لمّا أخلّص هقول خلّصت.
-عايزين نخرج نتعشى برّه.
-إيه المناسبة؟
-من غير مناسبة..
-خلاص إكويلي القميص البّني.
-مش نضيف..أنا جهزتلك واحد تاني.
-نهااار أسود..إنتِ مغسلتيش؟
-مالحقتش.
-يعني لحقتي تلبسي و تتذوقي و مالحقتيش تغسلي؟
-يعني خدت بالك إني متذوّقه؟
أخذ نفساً عميقاً محاولاً أن يعود لهدوءه.
-ممكن تنتظري شويه لحد ما أنتهي من الكتابه؟
-حاضر.
همّت بالخروج ثم عادت مره أخرى لتسأله:
-مش كفايه كده كتابه إنهادره؟
نظر لها بضجر فخرجت تجُرّ أذيال الخيبة..
في عيونك السُمر بالقى روحي و كياني
ياللي الحنان..سرّه هو حنانك
ده الحب ده أكيد يا حبيبتي مخلوق عشاني
و أنا برضو قلبي يا ملاك مخلوق عشانك
كان مسترخياَ بعد أن إنتهى من كتابة المقطع الثاني من الأغنيه, محدقاً في السقف و كأنه يبحث عن بيت شعر لم يُكتب بعد, أظلمت الدنيا من حوله عندما شعر بيداها تغطي عيناه, قال لها ببرود:
-الله ينوّر.
لكمته في كتفه بغضب هو نوع من الدلال..
-هتخلّص إمتى؟
ردّ عليها بنفاد صبر:
-حتى لو خلّصت..مش خارج.
بصوت أقرب للبكاء سألته: ليـــــــــه؟
-عشان إحنا آخر الشهر..
-طيب نروح نتمشى على النيل..دي أمنيه نفسي تحصل..عمري ما إتمشيت معاك على النيل.
-تتمشي على النيل بالفستان ده؟ طول عمرك مبتعرفيش تفكّري.
-و ليه متقولش بفكّر بقلبي.
-مبتفكريش خالص.. نيّمتي البنت؟
-أيوه.
-روحي نامي إنتِ كمان..
-هستناك لما تخلّص نتكلم شويه..
كاد يصرخ من داخله, لقد ملّ تماماً من حديثها و يتمنى من كل قلبه أن تخدع للنوم حتى لا تضطره للمزيد من الكلام, فميزاجه اليله مزاج صمت و إستماع فقط لما يسطره القلم.
-روحي نامي..أنا لسّه بدري على ما أخلّص.
تركته و صفقت الباب وراءها, لولا مزاجه الصامت لكان نهرها بشدّه, و لكنه فضّل الصمت حتى تختفي تماماً من يومه, جلس على الأرض ليكتب المقطع الأخير من الأُغنيه...كتبها بكل إحساس و صدق!
ده أنا بحسد كل كلمة بتسمعيها
كل كلمة بتقوليها
كل حاجه تحسي بيها
عارفه ليــه؟
بحبـــك..بحبـــك..مش عارف قد إيه
!
***********
الأغنية للرائع محمد منير و الكلمات..يا ريت لو حد عرف مين اللي كاتبها يقولي :)
***********
الأغنية للرائع محمد منير و الكلمات..يا ريت لو حد عرف مين اللي كاتبها يقولي :)