القصقوصة الأولى (صباح بنكهة مصر)

أعشق الصباح أعشق البدايات عموماً و بداية يومي سعاده رغماً عني عندما تنسكب أشعة الشمس في الكون على إستحياء و تسري نسمات بارده لطيفه في الجو, يغرق العالم في سكون يجعلني أستطيع تمييز صوت زقزقة العصافير و حفيف أوراق الشجر, ثم صوت الأبواب الحديديه للمحلات و هي تفتح إيذاناً برزق يوم جديد, أكون أنا في لحظات صامته من التأمل و الهدوء النفسي قبل أن أنهض و أنزلق في الروتين اليومي.

أصحى دائماً من نومي نشيطة و كأني لم أرى شيأً من الغفلة, أخاف أن يفوتني الصباح أن أفقد هذه اللحظات القليلة الهادئه, أدندن بأغنية أحبها و أقف لدقائق في الشرفه أطل على السيارات الساكنه و الباعة الجائلين و قد بدأت أصواتهم في التصاعد, أتأمل عم أحمد على عربية الفول و الخلق تتوافد عليه من أول العامل البسيط إلى صاحب السياره الفارهه, عجيب أمر المصريين برغم الإختلاف الشديد في مستواياتهم و إعتقادتهم إلا أنهم روح واحده ممتده لها نفس الهوى.

الصباح في مصر بنكهة الطيبة و رائحة الفُل, بعد أن أنتهي من طقوسي الصباحية أنزل للشارع منذ أيام المدرسة حتى الآن إختلفت أعماري, طرق سيري, وسائل مواصلاتي, قبلتي, الشيأ الوحيد الذي لم يتغير هي الطفله داخلي التي ُتقبل على الحياة بقلب أخصر مفتوح و برغبه جامحه في يوم سعيد, صوت الراديو يناسب مزاجي الصباحي تعودت عليه مرغمه في وسائل المواصلات, هو و أغاني محمد عبد الوهاب والتي كنت أسمعها صباحاً في المترو أيام الكلية تنساب في أذني لتدغدغ إحساسي.

الناس هادئه الأطفال مبتهجين, الطالبات يتسكعن بمرح, المعاكسات و الخناقات أقل من معدلها الطبيعي, بعد مُضي وقت قليل يخفت سحر الصباح, تظهر هموم الناس على وجههم و أجسامهم المثقله بالأعباء و الخوف من الغد, (خليها على الله)(ربك كريم يعدلها) شعارهم العلني لكن القلوب تخفي الكثير و الشفاه تُتمتم دائماً بالدعوات منها ما أسمعه و أعرفه و منها ما يظهر كحركة شفاهية لا أستطيع تميزها.

 أقترب أكثر من عملي أخلع براءتي و ارتدي قناع الجد والعقل,أهبط من أعلى سحابتي الصباحية الوردية على أرض الواقع.....فليبدأ العمل.